بسم الله الرحمان الرحيم
الجزء الأول
خالد بكبر مصطنع:
هل تعلمين من تحادثين ياآنسة شجون؟!
شجون: أعلم!.. الدكتور خالد! .. وماذا في ذلك؟! .. هل زاد أو نقص شيء؟!
خالد بغرور: صاحب السعادة الدكتور خالد الذي تتحدثين عنه .. يكون زوجك يا آنسة .. أم نسيتي ذلك؟!
شجون بتغنج:
لا .. لم أنسى .. ولكن لا تنسى أنت من أنا،
أنا شجون زوجتك أم طفلتك الحبيبة العنود التي تركتنا وبقيت في بيت والدي.
خالد وهو يضحك .. أوووووه .. جيد أنك تعرفين أن ابنتك تركتك وبقيت في بيت أبيك .. لأني أعلم أنك في الغالب تنسين وجودها ..
شجون بدلع : أوووووه خالد! .. العنود تركتنا نحن الإثنان .. وليس أنا فقط .. ثم ماذا إذا نسيت؟!! ..
لمعلوماتك!! .. سمي الإنسان إنسان لأنه ينسى وهذا ليس بعيب ..
وهي تأشر له بإصبعها .. علامة تهديد!! .. أفهمت يا دكتور؟!
خالد وهو يستلقي على السرير ويتنهد بابتسامة: فهمت سيدتي .. هل بإمكاني النوم الآن ؟! .. تأخر الوقت وأنا متعب جداً ..
شجون بتمعظ: حسنا عزيزي .. سأتركك لتنام ..
أحلام سعيدة ..
هذه هي حياة شجون وخالد .. مليئة بالحب والاحترام من قبل الطرفين .. الحب الذي تكلل بطفلة هي الآن في السنة الثالثة من عمرها .. تقضي أغلب وقتها في منزل جدها والد شجون..
شجون في السنة الثانية والعشرين من عمرها .. لم تكن لديها رغبة في إكمال تعليمها بعد الثانوية .. وقبلت بالزواج من خالد من أجل أن تتخلص من إلحاح والديها في إكمال تعليمها .. وذلك دون أن تعرف عنه أي شيء ..
باختصار تزوجته زواج غفلة ..
شجون شخصية حساسة جدا .. ومع هذا فيها روح مرحة .. ورقة.. وطيبة بلا حدود .. وهي إنسانة متسامحة جداً لأبعد حد .. وذكية جداً.
الدكتور خالد في الخامسة والثلاثين من عمره .. شخصية جذابة .. مرحة في المنزل ..
أما في العمل فهو شخص آخر تماماً .. يتسم بالجدية في كل عمله .. ولا يقبل بالتهاون فيه ..
وعلاوة على ذلك, فهو طبيب ناجح حاصل على شهادات كثيرة في مجال الطب ..
مر خالد بتجربة زواج قبل شجون .. وفقد زوجته هيام وابنته العنود في حادث سيارة .. لذلك سمى ابنته الثانية العنود .. كان يحب هيام لدرجة الجنون .. ولكن قَدَرَالله فرق بينهما بذلك الحادث الشنيع الذي فقدها فيه , واعتزل العالم لمدة ثلاث سنوات .. صار شكله فيها أكبر من عمره بعشر سنين للذي لا يعرفه .. إلى أن رأى شجون في المستشفى عندما كانت مريضة .. ولم يكن هناك طبيبة .. فاضطر للكشف عليها .. رأى فيها هيام التي افتقدها وأصبح حاله جحيماً لا يطاق من بعدها ..
تأكد في قرارة نفسه أنها هذه هي التي ستخرجه مما هو فيه ..
فلم ينتظر طويلاً .. بل تقدم لخطبتها من أبيها .. والذي كان يعرفه عز المعرفة .. ولم يبد أي اعتراض عليه .. لكنه طلب أن يمهله حتى يسأل صاحبة الشأن ..
أما شجون دون أن تعرف من هو المتقدم لها .. وافقت بسرعة حتى تتخلص من الإلحاح في إكمال الدراسة!! ..
اكتشفت شجون زواجه السابق .. الذي كانت لاتعرف عنه شيئا .. وذلك عندما كانت في المكتب تقلب في أوراق خالد .. ورأت صورته ومعه هيام في يوم زفافه .. ورأت رسائل من كلا الطرفين مكتوبة في أغلب صفحات الكتاب ..
فقدت قدرتها في السيطرة على نفسها .. أيعقل هذا؟! ..
خالد متزوج دون علمي؟!..
ومن هذه التي يبديها علي؟! ..
حسناً .. أنت من أعلنت الحرب على نفسك .. وسأريك من هي شجون التي ضحكت عليها أنت ووالدي ..
لكن سرعان ما عادت لوعيها عندما تذكرت أنها وافقت عليه دون أن تعلم عنه شيئاً .. ولكنها قررت أن تلعب لعبتها عليه ..
وهي أن تضع له كل يوم رسالة في حقيبته التي يحملها معه إلى المستشفى .. وذلك من الرسائل التي كانت تكتبها له هيام ..
وبالفعل بدأت اللعبة من أول يوم ..
************
في المستشفى فتح خالد الحقيبة ورأى الرسالة .. قرأها وكاد يجن .. كيف وصلت هذه الرسالة إلى هنا؟!
مرت أيام على هذه الحال وشجون تضع له كل يوم رسالة. حتى أيقن خالد في داخل نفسه بأن هيام مازالت على قيد الحياة .. أصبح خالد ينادي شجون بهيام دون وعي منه .. وشجون مستمرة في لعبتها .. وتمثل الدور بعبقرية بالغة ..
اشتعلت نار الغيرة في داخل شجون من هيام .. وحز في خاطرها أن يناديها بهيام في أكثر من مرة ..
وأكثر من هذا لمحة الحزن في عينيه كلما رآها .. وتنهيداته التي تذيب الصخر ..
ندمت شجون على ما فعلته .. لكن بقيت أسئلة تدور في بالها ..
من هي هيام ؟! .. وأين ذهبت؟! .. ولم يحبها خالد بهذا الشكل؟! ..
لدرجة أنه يناديني باسمها؟!
لم تسمح للأفكار أن تغزوها أكثر .. بل توجهت له بصريح العبارة ..
وهو جالس على مكتبه يراجع أوراقاً بين يديه ..
خالد!! .. أنت تحب هيام!.. وتزوجتني لأنك ترى أنني أشبهها .. أليس كذلك؟!
نظر خالد إليها بتعجب .. وأسند رأسه على الكرسي وهو ينظر في الفراغ .. كمن يبحث عن شيء مفقود .. وتنهد بألم:
آآآآآه ....يا ......هيــــ....شجون..
جددتِ علي المواجع ..
هيام ماضٍ .. وأنت ..
(قاطعته بسرعة): أنا ماذا؟! ..
أنتِ الحاضر .. والمستقبل..
أنتِ الآن عيني التي أرى بها من بعد ما فقدت بصري لعدة سنوات ..
وأنا أحاول الآن جاهداً أن أنسى الماضي ..
لِم ذكرتني به يا شجون؟.. لِم ؟..
لِم لَم تتركيني كما أنا؟
شعرت شجون بقشعريرة تسري بجسدها من كلام خالد ..
قام خالد من مكانه واتجه إلى حيث كانت شجون واقفة .. نظر إليها بحزن وأمسك بيدها .. واتجه إلى الكنبة في طرف المكتب .. جلس وأجلسها بجنبه .. ولف يده حولها واضعاً رأسها على صدره ..
هل تحسين بنبضات قلبي يا شجون .. هزت رأسها بأن نعم ..
هذه النبضات هي أنتِ .. أنتِ يا شجون .. لا تعتقدي بأني سأبقى عائشاً على ذكريات مضت .. استشف منها الحزن والألم .. لا ..
أنا الآن شخص آخر .. شخص لا ينبش في الماضي .. بل يعيش الحاضر .. وينظر للمستقبل .. شجون ..
(رفعت شجون رأسها باهتمام وقد ركزت نظراتها في عينيه كأنها تحثه على الإكمال) ..
هيام ماضٍ وأنتِ الحاضر .. هيام ذهبت .. وأنتِ الباقية ..
أريدك أنتِ كما أنتِ .. لا أريد أن أراك نسخة من هيام .. لأنك شيء .. وهيام .. آآآه .. شيء آخر .. يختلف تماماً عنك .. الذي أريدكِ أن تعرفيه أنني كنت متزوجاً قبلكِ بها .. ولي منها
طفلة اسمها العنود .. وهذا الشيء أنتي لا تعلمينه .. لأنك باختصار وافقت علي دون أن تعرفي أي شيء عن ماضيّ ..
والذي حصل إنهما توفيتا في حادث أصابنا عندما كنا عائدين من إحدى السفرات .. وانتهى كل شيء سوى الذكرى التي تلازمني ولا تكاد تبارح مخيلتي .. إلى أن أراد الله لي أن أطوي صفحة الماضي
وأعيش لحاضري ومستقبلي .. الذي كاد يضيع من بين يدي ..
أعادت شجون رأسها إلى صدر خالد .. وقالت: هل أفهم أن هيام لا تعني لك شيئا الآن..؟
مسح خالد على شعرها بلطف وهو يبتسم بمرارة
وقال
"سأتركُكْ
واعذرني
لم أكن أنوي الفراق
لكن..هذه هي الأيام وفعلها
وهذا ما أراده الله
إفتح صفحة مع غيري وعش أيامك الحلوه
هي شهور مرت بحلوها ومرها
اسمح لي
مجبرةٌ على الفراق"
هذه الكلمات قالتها هيام في آخر مرة زارتني فيها يا شجون..
شجون بحيرة! .. هيام تزورك وهي ميتة؟!
ابتسم خالد .. نعم كانت تزورني في الحلم كل يوم .. لكن بعد هذه الكلمات .. لم أرها إلى يومكِ هذا ..
تعلمين لماذا؟!..
لأنها تريدني أن أعيش وأكمل حياتي بدونها .. لا تريد أن تكون
سبباً في تعاستي من بعد موتها ..
وقد أثرت كلماتها بي .. (يٌبتسم وسط دموعه) آآآآآه...
وها أنا خرجت مما كنت فيه .. ورزقني الله بك .. وعوضتني عما فقدته .. ووجدت لديك كل الحب .. الذي لم أتوقعه .. ولم أفكر به يوما من بعدها .. والعنود التي أرى جمال الكون بها تماما كأختها (رحمها الله).
شجون .. أريدك أن تنسي هيام .. ولا تحملي في قلبك عليها أي حقد أو غيره.. هي تركتني لك .. وأنا أعدك بأن لا أتخلى عنك .. مادام قلبي ينبض بالحياة .. أعدك ..
على هذه الذكرى نام خالد في تلك الليلة وابتسامة مرتسمة على شفتيه ..
وهو يحمد الله أن عوضه عما فقده بشجون والعنود اللتان ملأتا عليه حياته ..
ابتسمت شجون لمرأى زوجها الحبيب وهو نائم .. غطته جيدا وقبلته على خده بحنان ..
جلست بجانبه .. تتأمل قسمات وجهه .. يبدو كطفل وليس أي طفل .. طفل في الخامسة والثلاثين من عمره ..
**********
الجزء الأول
خالد بكبر مصطنع:
هل تعلمين من تحادثين ياآنسة شجون؟!
شجون: أعلم!.. الدكتور خالد! .. وماذا في ذلك؟! .. هل زاد أو نقص شيء؟!
خالد بغرور: صاحب السعادة الدكتور خالد الذي تتحدثين عنه .. يكون زوجك يا آنسة .. أم نسيتي ذلك؟!
شجون بتغنج:
لا .. لم أنسى .. ولكن لا تنسى أنت من أنا،
أنا شجون زوجتك أم طفلتك الحبيبة العنود التي تركتنا وبقيت في بيت والدي.
خالد وهو يضحك .. أوووووه .. جيد أنك تعرفين أن ابنتك تركتك وبقيت في بيت أبيك .. لأني أعلم أنك في الغالب تنسين وجودها ..
شجون بدلع : أوووووه خالد! .. العنود تركتنا نحن الإثنان .. وليس أنا فقط .. ثم ماذا إذا نسيت؟!! ..
لمعلوماتك!! .. سمي الإنسان إنسان لأنه ينسى وهذا ليس بعيب ..
وهي تأشر له بإصبعها .. علامة تهديد!! .. أفهمت يا دكتور؟!
خالد وهو يستلقي على السرير ويتنهد بابتسامة: فهمت سيدتي .. هل بإمكاني النوم الآن ؟! .. تأخر الوقت وأنا متعب جداً ..
شجون بتمعظ: حسنا عزيزي .. سأتركك لتنام ..
أحلام سعيدة ..
هذه هي حياة شجون وخالد .. مليئة بالحب والاحترام من قبل الطرفين .. الحب الذي تكلل بطفلة هي الآن في السنة الثالثة من عمرها .. تقضي أغلب وقتها في منزل جدها والد شجون..
شجون في السنة الثانية والعشرين من عمرها .. لم تكن لديها رغبة في إكمال تعليمها بعد الثانوية .. وقبلت بالزواج من خالد من أجل أن تتخلص من إلحاح والديها في إكمال تعليمها .. وذلك دون أن تعرف عنه أي شيء ..
باختصار تزوجته زواج غفلة ..
شجون شخصية حساسة جدا .. ومع هذا فيها روح مرحة .. ورقة.. وطيبة بلا حدود .. وهي إنسانة متسامحة جداً لأبعد حد .. وذكية جداً.
الدكتور خالد في الخامسة والثلاثين من عمره .. شخصية جذابة .. مرحة في المنزل ..
أما في العمل فهو شخص آخر تماماً .. يتسم بالجدية في كل عمله .. ولا يقبل بالتهاون فيه ..
وعلاوة على ذلك, فهو طبيب ناجح حاصل على شهادات كثيرة في مجال الطب ..
مر خالد بتجربة زواج قبل شجون .. وفقد زوجته هيام وابنته العنود في حادث سيارة .. لذلك سمى ابنته الثانية العنود .. كان يحب هيام لدرجة الجنون .. ولكن قَدَرَالله فرق بينهما بذلك الحادث الشنيع الذي فقدها فيه , واعتزل العالم لمدة ثلاث سنوات .. صار شكله فيها أكبر من عمره بعشر سنين للذي لا يعرفه .. إلى أن رأى شجون في المستشفى عندما كانت مريضة .. ولم يكن هناك طبيبة .. فاضطر للكشف عليها .. رأى فيها هيام التي افتقدها وأصبح حاله جحيماً لا يطاق من بعدها ..
تأكد في قرارة نفسه أنها هذه هي التي ستخرجه مما هو فيه ..
فلم ينتظر طويلاً .. بل تقدم لخطبتها من أبيها .. والذي كان يعرفه عز المعرفة .. ولم يبد أي اعتراض عليه .. لكنه طلب أن يمهله حتى يسأل صاحبة الشأن ..
أما شجون دون أن تعرف من هو المتقدم لها .. وافقت بسرعة حتى تتخلص من الإلحاح في إكمال الدراسة!! ..
اكتشفت شجون زواجه السابق .. الذي كانت لاتعرف عنه شيئا .. وذلك عندما كانت في المكتب تقلب في أوراق خالد .. ورأت صورته ومعه هيام في يوم زفافه .. ورأت رسائل من كلا الطرفين مكتوبة في أغلب صفحات الكتاب ..
فقدت قدرتها في السيطرة على نفسها .. أيعقل هذا؟! ..
خالد متزوج دون علمي؟!..
ومن هذه التي يبديها علي؟! ..
حسناً .. أنت من أعلنت الحرب على نفسك .. وسأريك من هي شجون التي ضحكت عليها أنت ووالدي ..
لكن سرعان ما عادت لوعيها عندما تذكرت أنها وافقت عليه دون أن تعلم عنه شيئاً .. ولكنها قررت أن تلعب لعبتها عليه ..
وهي أن تضع له كل يوم رسالة في حقيبته التي يحملها معه إلى المستشفى .. وذلك من الرسائل التي كانت تكتبها له هيام ..
وبالفعل بدأت اللعبة من أول يوم ..
************
في المستشفى فتح خالد الحقيبة ورأى الرسالة .. قرأها وكاد يجن .. كيف وصلت هذه الرسالة إلى هنا؟!
مرت أيام على هذه الحال وشجون تضع له كل يوم رسالة. حتى أيقن خالد في داخل نفسه بأن هيام مازالت على قيد الحياة .. أصبح خالد ينادي شجون بهيام دون وعي منه .. وشجون مستمرة في لعبتها .. وتمثل الدور بعبقرية بالغة ..
اشتعلت نار الغيرة في داخل شجون من هيام .. وحز في خاطرها أن يناديها بهيام في أكثر من مرة ..
وأكثر من هذا لمحة الحزن في عينيه كلما رآها .. وتنهيداته التي تذيب الصخر ..
ندمت شجون على ما فعلته .. لكن بقيت أسئلة تدور في بالها ..
من هي هيام ؟! .. وأين ذهبت؟! .. ولم يحبها خالد بهذا الشكل؟! ..
لدرجة أنه يناديني باسمها؟!
لم تسمح للأفكار أن تغزوها أكثر .. بل توجهت له بصريح العبارة ..
وهو جالس على مكتبه يراجع أوراقاً بين يديه ..
خالد!! .. أنت تحب هيام!.. وتزوجتني لأنك ترى أنني أشبهها .. أليس كذلك؟!
نظر خالد إليها بتعجب .. وأسند رأسه على الكرسي وهو ينظر في الفراغ .. كمن يبحث عن شيء مفقود .. وتنهد بألم:
آآآآآه ....يا ......هيــــ....شجون..
جددتِ علي المواجع ..
هيام ماضٍ .. وأنت ..
(قاطعته بسرعة): أنا ماذا؟! ..
أنتِ الحاضر .. والمستقبل..
أنتِ الآن عيني التي أرى بها من بعد ما فقدت بصري لعدة سنوات ..
وأنا أحاول الآن جاهداً أن أنسى الماضي ..
لِم ذكرتني به يا شجون؟.. لِم ؟..
لِم لَم تتركيني كما أنا؟
شعرت شجون بقشعريرة تسري بجسدها من كلام خالد ..
قام خالد من مكانه واتجه إلى حيث كانت شجون واقفة .. نظر إليها بحزن وأمسك بيدها .. واتجه إلى الكنبة في طرف المكتب .. جلس وأجلسها بجنبه .. ولف يده حولها واضعاً رأسها على صدره ..
هل تحسين بنبضات قلبي يا شجون .. هزت رأسها بأن نعم ..
هذه النبضات هي أنتِ .. أنتِ يا شجون .. لا تعتقدي بأني سأبقى عائشاً على ذكريات مضت .. استشف منها الحزن والألم .. لا ..
أنا الآن شخص آخر .. شخص لا ينبش في الماضي .. بل يعيش الحاضر .. وينظر للمستقبل .. شجون ..
(رفعت شجون رأسها باهتمام وقد ركزت نظراتها في عينيه كأنها تحثه على الإكمال) ..
هيام ماضٍ وأنتِ الحاضر .. هيام ذهبت .. وأنتِ الباقية ..
أريدك أنتِ كما أنتِ .. لا أريد أن أراك نسخة من هيام .. لأنك شيء .. وهيام .. آآآه .. شيء آخر .. يختلف تماماً عنك .. الذي أريدكِ أن تعرفيه أنني كنت متزوجاً قبلكِ بها .. ولي منها
طفلة اسمها العنود .. وهذا الشيء أنتي لا تعلمينه .. لأنك باختصار وافقت علي دون أن تعرفي أي شيء عن ماضيّ ..
والذي حصل إنهما توفيتا في حادث أصابنا عندما كنا عائدين من إحدى السفرات .. وانتهى كل شيء سوى الذكرى التي تلازمني ولا تكاد تبارح مخيلتي .. إلى أن أراد الله لي أن أطوي صفحة الماضي
وأعيش لحاضري ومستقبلي .. الذي كاد يضيع من بين يدي ..
أعادت شجون رأسها إلى صدر خالد .. وقالت: هل أفهم أن هيام لا تعني لك شيئا الآن..؟
مسح خالد على شعرها بلطف وهو يبتسم بمرارة
وقال
"سأتركُكْ
واعذرني
لم أكن أنوي الفراق
لكن..هذه هي الأيام وفعلها
وهذا ما أراده الله
إفتح صفحة مع غيري وعش أيامك الحلوه
هي شهور مرت بحلوها ومرها
اسمح لي
مجبرةٌ على الفراق"
هذه الكلمات قالتها هيام في آخر مرة زارتني فيها يا شجون..
شجون بحيرة! .. هيام تزورك وهي ميتة؟!
ابتسم خالد .. نعم كانت تزورني في الحلم كل يوم .. لكن بعد هذه الكلمات .. لم أرها إلى يومكِ هذا ..
تعلمين لماذا؟!..
لأنها تريدني أن أعيش وأكمل حياتي بدونها .. لا تريد أن تكون
سبباً في تعاستي من بعد موتها ..
وقد أثرت كلماتها بي .. (يٌبتسم وسط دموعه) آآآآآه...
وها أنا خرجت مما كنت فيه .. ورزقني الله بك .. وعوضتني عما فقدته .. ووجدت لديك كل الحب .. الذي لم أتوقعه .. ولم أفكر به يوما من بعدها .. والعنود التي أرى جمال الكون بها تماما كأختها (رحمها الله).
شجون .. أريدك أن تنسي هيام .. ولا تحملي في قلبك عليها أي حقد أو غيره.. هي تركتني لك .. وأنا أعدك بأن لا أتخلى عنك .. مادام قلبي ينبض بالحياة .. أعدك ..
على هذه الذكرى نام خالد في تلك الليلة وابتسامة مرتسمة على شفتيه ..
وهو يحمد الله أن عوضه عما فقده بشجون والعنود اللتان ملأتا عليه حياته ..
ابتسمت شجون لمرأى زوجها الحبيب وهو نائم .. غطته جيدا وقبلته على خده بحنان ..
جلست بجانبه .. تتأمل قسمات وجهه .. يبدو كطفل وليس أي طفل .. طفل في الخامسة والثلاثين من عمره ..
**********